لعلاقة السرية بين إيران وإسرائيل وأمريكا التى تتم خلف الكواليس.
[كاتب أمريكي يكشف عن
العلاقة السرية بين إيران وإسرائيل وأمريكا في سقوط بغداد
محيط - وكالات
واشنطن: كشف كاتب أمريكي للمرة الأولى عن حقائق مثيرة حول العلاقات
والاتصالات السرية بين إسرائيل وإيران وأمريكا التى تتم خلف الكواليس.
ويشرح الكاتب الآليات وطرق الاتصال والتواصل بين الأطراف الثلاثة، التي
تبدو ملتهبة على السطح ودافئة خلف الستار في سبيل تحقيق المصلحة المشتركة
التي لا تعكسها الشعارات والخطابات والتصريحات النارية بينهم.
وقال الكاتب "تريتا بارسي" أستاذ العلاقات الدولية في جامعة "جون هوبكينز"
في مقدمة كتابه "التحالف الغادر: التعاملات السريّة بين إسرائيل و إيران
والولايات المتّحدة الأمريكية"، إن إيران وإسرائيل ليستا في صراع
أيديولوجي كما يتخيل الكثيرون بقدر ما هو نزاع استراتيجي قابل للحل،
مدلالا على ذلك بعدم لجوء الطرفين إلى استخدام أو تطبيق ما يعلنه خلال
تصريحاته النارية، فالخطابات في واد والتصرفات في واد آخر معاكس.
حقائق مثيرة
وكان أهم ما تضمنه هذا الكتاب هو كشفه عن الاجتماعات السرية العديدة التي
عقدت بين إيران وإسرائيل في عواصم أوروبية، اقترح فيها الإيرانيون تحقيق
المصالح المشتركة للبلدين من خلال سلة متكاملة تشكل صفقة كبيرة.
ويقول الكاتب "إنّ المسئولين الإيرانيين وجدوا أنّ الفرصة الوحيدة لكسب
الإدارة الأمريكية تكمن في تقديم مساعدة أكبر وأهم لها في غزو العراق عام
2003 عبر الاستجابة لما تحتاجه, مقابل ما ستطلبه إيران منها, على أمل أن
يؤدي ذلك إلى عقد صفقة متكاملة تعود العلاقات الطبيعية بموجبها بين
البلدين و تنتهي مخاوف الطرفين".
وبينما كان الأمريكيون يغزون العراق في إبريل من العام 2003, كانت إيران
تعمل على إعداد "اقتراح" جريء ومتكامل يتضمن جميع المواضيع المهمة ليكون
أساسا لعقد "صفقة كبيرة" مع الأمريكيين عند التفاوض عليه في حل النزاع
الأمريكي - الإيراني.
وشمل العرض الإيراني "والذي أرسل إلى واشنطن عبر وثيقة سريّة"، مجموعة
مثيرة من التنازلات السياسية التي ستقوم بها إيران في حال تمّت الموافقة
على "الصفقة الكبرى" والتي تتناول عددا من المواضيع منها: برنامجها
النووي, سياستها تجاه إسرائيل, و محاربة تنظيم القاعدة.
كما عرضت الوثيقة إنشاء ثلاث مجموعات عمل مشتركة أمريكية - إيرانية
بالتوازي للتفاوض على "خارطة طريق" بخصوص ثلاثة مواضيع: "أسلحة الدمار
الشامل", "الإرهاب والأمن الإقليمي", "التعاون الاقتصادي".
وتضمّنت الوثيقة السريّة والتي حملها الوسيط السويسري "تيم جولدمان" إلى
الإدارة الأمريكية أوائل مايو عام 2003، قيام إيران باستخدام نفوذها في
العراق لتحقيق الأمن والاستقرار وتشكيل حكومة غير دينية.
وعرضت إيران شفافية كاملة لتوفير الاطمئنان والتأكيد بأنّها لا تطوّر
أسلحة دمار شامل, والإلتزام بما تطلبه الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشكل
كامل ودون قيود.
كما وافقت إيران على إيقاف دعمها لفصائل المقاومة الفلسطينية والضغط عليها
لإيقاف عملياتها الفدائية ضدّ قوات الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي
الفلسطينية المحتلة.
وكان من أهم بنود الوثيقة السرية هو إلتزام إيران بتحويل حزب الله
اللبناني إلى حزب سياسي منخرط بشكل كامل في الإطار اللبناني. وكذلك قبولها
بإعلان المبادرة العربية التي طرحت في قمّة بيروت عام 2002, والتي تنص على
إقامة دولتين والقبول بعلاقات طبيعية وسلام مع إسرائيل مقابل انسحابها إلى
ما بعد حدود 1967.
المفاجأة الكبرى في هذا العرض كانت تتمثل باستعداد إيران تقديم اعترافها
بإسرائيل كدولة شرعية، والذي سبّب إحراجا كبيرا لصقور البيت الأبيض بزعامة
نائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني، الذين كانوا يناورون على مسألة "تدمير
إيران لإسرائيل" و "محوها عن الخريطة".
وقال "بارسي" في كتابه" إنّ صقور الإدارة الأمريكية المتمثلة بديك تشيني
ووزير الدفاع الأمريكي السابق دونالد رامسفيلد كانا وراء تعطيل هذا
الاقتراح ورفضه على اعتبار "أن الإدارة الأمريكية ترفض التحدّث إلى ما
تسميه بدول محور الشر".
ويشير الكتاب أيضا إلى أنّ إيران حاولت مرّات عديدة بعد رفض هذا العرض،
التقرب من الولايات المتّحدة لكن إسرائيل كانت تعطّل هذه المساعي دوما
خوفا من أن تكون هذه العلاقة على حسابها في المنطقة.
وخلاصة ما توصل اليه بارسي، إنّ إيران ليست "خصما للولايات المتّحدة
وإسرائيل كما كان الحال بالنسبة للعراق بقيادة صدّام وأفغانستان بقيادة
حركة طالبان".
فطهران تعمد إلى استخدام التصريحات الاستفزازية و لكنها لا تتصرف بناءاً
عليها بأسلوب متهور و أرعن من شأنه أن يزعزع نظامها. و عليه فيمكن توقع
تحركات إيران و هي ضمن هذا المنظور "لا تشكّل خطرا لا يمكن احتواؤه" عبر
الطرق التقليدية الدبلوماسية.
و إذا ما تجاوزنا القشور السطحية التي تظهر من خلال المهاترات و التراشقات
الإعلامية و الدعائية بين إيران و إسرائيل، فإننا سنرى تشابها مثيرا بين
الدولتين في العديد من المحاور بحيث أننا سنجد أنّ ما يجمعهما أكبر بكثير
مما يفرقهما.
ويضيف، إن الدولتين تميلان إلى تقديم أنفسهما على أنّهما متفوقتين على
جيرانهم العرب، حيث ينظر العديد من الإيرانيين إلى أنّ جيرانهم العرب في
الغرب والجنوب أقل منهم شأنا من الناحية الثقافية والتاريخية وفي مستوى
دوني. ويعتبرون أن الوجود الفارسي على تخومهم ساعد في تحضّرهم و تمدّنهم و
لولاه لما كان لهم شأن يذكر.
في المقابل، يرى الإسرائيليون أنّهم متفوقون على العرب بدليل أنّهم
انتصروا عليهم في حروب كثيرة، و يقول أحد المسئولين الإسرائيليين في هذا
المجال لبارسي "إننا نعرف ما باستطاعة العرب فعله، وهو ليس بالشيء الكبير"
في إشارة إلى استهزائه بقدرتهم على فعل شي حيال الأمور.
-------------------------[/size]