بسم الله الرحمن الرحيم
أخطب جمعة هذه؟ أم مزادات لبيع الدين، وللنفاق سباق؟!
في أثناء الخطبة ومن موضوعها المعهود أصابني ألم في معدتي، وضاق صدري، وثقل نفَسي، وأصبحت أتململ غيظاً، وحينها خطر في بالي الوقوف والصراخ بأعلى صوتي: كفاك يا شيخ توقف أرجوك، لقد اهتزت الأرض ومادت أعمدة المسجد من كثرة مدحك للملك!، ألا يوجد لديك قصة أخرى تتحدث فيها؟ لعلك تقول لنا قصة من سيرة نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم وكيف عرضت عليه قريش أن يسوّدوه مقابل أن يترك الإسلام، أوكيف عرضوا عليه المال مقابل أن يترك الإسلام، أوكيف عرضوا عليه أن يعبدوا الله عاماً وأصنامهم عاماً ولكنه رفض كل العروض السابقة، أو لعلك يا شيخ تقول لنا عن حكم يذكّرنا بالله سبحانه وتعالى والرجوع إليه والتقرب له بالطاعات والمندوبات، أو لعلك يا شيخ تتحدث عن همّ تعيشه الأمة وترشدنا لكيفية الخلاص، فمثلاً: هل يمكنك أن تتحدث لنا عن قضية فلسطين وما يجب أن نفعله؟ لأن أقصى ما عرفناه منكم هو الدعاء فهل هذا يكفي؟ أو لعلك تخبرنا عن حكم الاستعانة بالكافر لقتل المسلمين وماذا يجب أن نفعل تجاه ذلك؟ أو لعلك تحدثنا عن حكم فتح أراضي المسلمين وأجوائهم ومياههم للأعداء والقتلة لتسهيل عملية سفك دماء أتباع رسالة نبينا محمد عليه أفضل صلاة وأتم تسليم؟ وماذا يجب علينا فعله تجاه ذلك؟
وهنا أود أن أطلب منك معروفاً يا شيخنا لو سمحت، هل يمكن أن تغير الموضوع في الخطبة القادمة؟ ولكن أرجوك من ناحية الوضوء فكما تعلم أننا نأتي للمسجد متوضئين متطهرين، وقد تعلمنا ذلك في المدرسة والمسجد ونقلد في ذلك الإمام الشافعي رضوان الله عليه، فلا نريد أن تعيد لنا موضوع الوضوء مرة أخرى؟ ومن ناحية ثبوت سلالة الحكام جميعاً في عالمنا الإسلامي، وأصلهم وفصلهم، فأبشرك يا شيخ بأننا جميعاً الآن نعلم تماماً أنهم: إما من آل البيت... أو من النبع الصافي... أو من العرق السامي ... ولهذا وكما تفضلتم في خلال الخمسين عاماً الماضية فإننا لا بد أن نطيع الحكام ونعلن البيعة لهم ونواليهم وكذلك يحرم علينا معصيتهم، وطاعتهم كما تفضلتم بالتلميح أحياناً والتصريح أحياناً أخرى، أوْلى من طاعة الله، واتباع سنتهم أولى من اتباع سنة نبينا صلى الله عليه وآله وسلم، فالطاعة الطاعة بغض النظر عن النظام الذي يطبقونه والدين الذي يعتنقونه. وأرجوك أيضاً لا تحدثنا عن الاستقلال وعيد الجيش والحركة التصحيحية حيث إننا نعلم تماماً الآن أننا بالفعل لسنا محتلين عسكرياً بشكل مباشر، وكذلك نعلم أنه تم تصحيح أوضاع بلاد المسلمين لتعود بحمدكم وفضل حكامنا لما كانت عليه الدنيا قبل الإسلام!
وقبل أن أنهي يا شيخنا فلعلكم تتكرمون بنقل ساحة سباقكم لإرضاء الحاكم بعيداً عن المنبر فإنه تصدع وتضجر.