اين العنوان ايها المهدي ؟؟؟
عدة نقاط حول الإمام الثاني عشر وقصّة غيبته:
1. إن ولادة ابن للإمام الحسن العسكري (ع) باسم المهدي أمر مشكوك فيه من الناحية التاريخية، ولا تؤيد المصادر التاريخية الموثوقة والمقبولة لدى أهل السنة ولادة مثل ذلك الطفل. ولا يوجد أي مستند أو دليل تاريخي محكم، يتمتع بالموازين والمعايير التي يعتمدها أهل السنة لقبول الروايات التاريخية، يثبت هذا الأمر، ولذا فإن طريق إثبات هذا الأمر مغلق بالنسبة إلى أهل السنة. فإذا كان لدى المدّعين سند محكم في هذا المجال فليظهروه لنا.
2. حتى لو ثبتت ولادة ابن للإمام الحسن العسكري (ع) فإن هذا وحده لا يكفي لإثبات دعاوى الشيعة حول غيبته واحتجابه عن الأنظار وبقائه حياً إلى زمن الظهور. هنا يبقى أمام الشيعة منطقياً طريقان لإثبات ادعائهم:
الأول: أن يكون القرآن أو النبيُّ قد طرحا مثل هذا الموضوع بشكل صريح.
لكننا لا نجد شيئاً من هذا لا في القرآن ولا في حديث النبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم. نعم، رُويت عن النبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم في كتب الشيعة أحاديث وروايات بين فيها النبيُّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم أسماء الأئمة المعصومين واحداً تلو الآخر وأشار فيها إلى الغيبة الطويلة للإمام الثاني عشـر منهم وظهوره بأمر الله في آخر الزمان.
لكن جميع هذه الروايات موضوعة ومختلقة وكثير من علماء الشيعة أيضاً يقرّون بذلك ولا يعتمدونها. مرَّةً ثانيةً نقول لمدَّعِي وجود الإمام الثاني عشر وغيبته: إن كنتم تستطيعون نقض كلامنا فأتونا بحديث بهذا الصدد ليس فيه أي مطعن لا في متنه ولا في سنده.
الطريق الثاني: أن يتم إثبات نظرية إمامة عليِّ بن أبي طالب (ع) وأبنائه بأدلة عقليّة ونقليّة محكمة، ثم يأتي بعد ذلك كلامٌ عن هذا الأمر في أحاديث الأئمة المعصومين. لكن للأسف - وكما رأينا من قبل - لا يمكن الدفاع عن مثل هذه النظرية عقلاً بل هناك دلائل كثيرة تثبت بطلانها.
ويمكن لطلاب الحقيقة أن يرجعوا إلى كتب كثيرة كُتبت في نقد نظرية الإمامة هذه(في هذا المجال نوصي بقراءة كتاب (أي طريق الاتحاد) لحيدر علي قلمداران، وكتاب «منهاج السنة النبوية» لابن تيمية.).
3. إن وجود إمام معصوم مختف عن الأنظار ولا يصل منه أي نفع للمجتمع الإسلامي ويتجوّل بين الناس بشكل مخفيٍّ وسريٍّ فقط دون أن يستطيع فعل شيء لمصائب هذه الأمة عملٌ لَغْوٌ وغيرُ مجدٍ ولا فائدة منه، وهذا بحد ذاته يضع علامة شك كبيرة على وجود الإمام الثاني عشر وغيبته من الأساس. إذا لم يكن وجود إمام غائب لا يرتجى منه أي نفع للناس والإسلام لغواً فقولوا لنا ما هو اللغو؟
4. إذا فكّرنا بطريقة حياة الإمام الثاني عشر يتضح لنا بشكل أكبر أسباب كون هذه العقيدة مشكوكٌ فيها.
فالسؤال هو أيُّ نوع من الكائنات هو هذا الإمام الثاني عشر؟
هل هو إنسان كسائر البشر، ويحتاج إلى جميع ما يحتاجه الإنسان العادي من لوازم البشرية (كالحاجة إلى زوجة وأطفال وبيت وعمل و...) أم أنه موجود غير طبيعي وكائنٌ فوق بشري؟
سنقوم هنا بتحليل كل من الفرضيتين:
4- 1. الفرضية الأولى أن يكون الإمامُ الثاني عشر مثلَ جميع أجداده ومثلَ جميع الناس الآخرين إنساناً طبيعيّاً تماماً لا فرق بينه وبين الآخرين سوى امتلاكه لروح عالية وضمير نقي وحيازته لمقام الإمامة والعصمة.
وهي مقامات معنوية لا تتنافى مع بشريته من ناحية الطبيعة الإنسانية.
في الحقيقة إنه إنسان طبيعي كسائر البشر غاية ما في الأمر أنه يمتلك مراتب معنوية عالية وكمالات روحية رفيعة وهو الآن محتجبٌ عن الأنظار لكنه يعيش حياةً إنسانيةً طبيعيةً مثل سائر البشر.
هذا الافتراض يخلق مشكلات عديدة لمن يعتقد بحياة الإمام على هذه الصورة. طبقاً لهذه الفرضية لا بد أن يكون للإمام الثاني عشر شأنه في ذلك شأن سائر الناس (ومثل جميع الأنبياء والأئمة قبله) ما يلي:
أ- وظيفة وعمل يكتسب معاشه منه.
ب- بيت يعيش فيه.- زوجة وأولاد. يمرض أحياناً أو يصاب بجروح.
ج- يستخدم في أسفاره وسائل النقل الرائجة كالخيل والجمال أو في عصـرنا الحاضر الطائرات والقطارات والحافلات والسفن.
د- أحياناً يختلف مع الآخرين وتقع بينه وبينهم منازعات وقد يضطروا إلى الرجوع إلى مراكز خاصة كالمحاكم وغيرها لحل الخلاف.
هـ- وبكلمة واحدة يعيش حياة مدنية أو قروية طبيعية (خاصة في عصـرنا الحاضر) ويكون مواطناً في أحد البلدان بكل معنى الكلمة.
و- بالطبع فإنه مضطر إلى الأمور التالية حتى لا يُعرف وينكشف أمره:
ح- أن يعيش باسم مستعار.
ط- أن يتنقل بشكل متواصل من مكان إلى آخر كي لا تؤدي هيأته الثابتة (من ناحية الشباب) إلى شكّ الناس بأمره.
تأملوا الآن كل واحدة من اللوازم والتبعات المذكورة أعلاه لتروا إلى أين نصل:
هل الإمام الثاني عشر تزوج مرة واحدة فعاشت زوجته معه كل هذا العمر الطويل الذي يتجاوز حتى اليوم ألف عام أم أنه تزوج عشرات المرات وعاشت كل زوجة معه حياة طبيعية ثم هرمت وتوفيت فتزوج بأخرى وبدأ حياة زوجية من جديد (وأطفال جدد) وهلم جرّا؟
وكذلك ما هو حال أولاد الإمام من ناحية طول العمر؟
هل يعيشون مثل أبيهم آلاف الأعوام أم يهرمون ويموتون كسائر الناس (في حين يبقى أبوهم في هيئة شاب ذي ثلاثين عاماً)؟!
هل تعرف زوجة الإمام وأولاده وأسرته وعائلة زوجته سرَّه وحقيقة هويته أم أن أبوي زوجته (مثلاً) لا يعلمان عن حقيقة صهرهم شيئاً؟
هل يسجل الإمام زواجه في وثيقة رسمية (في المحكمة مثلاً أو أي مكتب تابع لوزارة العدل) أم أن زواجه يكون دائماً غير رسمي وعرفياً؟
ما هو عمله الذي يتكسَّب منه وما مصدر رزقه؟
أين منزله والبلدة التي تعيش بها؟
هل يحتاج إلى وسائل المنزل كالثلاجة والتلفاز وغسالة الملابس والمكيف والمدفأة و...؟
هل يدفع للدولة فواتير الماء والكهرباء والغاز والهاتف الذي يستخدمه؟
هل تفرض عليه ضريبة الدخل فيدفعها أيضاً؟
ما هو اسمه المستعار الذي تصدر به فواتير الهاتف والكهرباء والغاز والماء و...؟
هل يجب عليه عندما يريد السفر إلى مدن أو دول أخرى أن يشتري بطاقة طائرة أو قطار أو... وأن يعد جواز سفر للخروج من بلده؟
هل يعيش أبناؤه أو بناته حياةً عادية كسائر الناس؟
في هذه الصورة وحيث أصبح للإمام الثاني عشر اليوم عديد من زوجات الأولاد (الكنات) والأصهار وأولاد وأحفاد وأولاد أحفاد و.... هل يمكنه أن يكتم سره ويخفي أمره عن كل هؤلاء العيال والأهل؟
وعندما يمرض أو يُجرح هل يعالج في إحدى المستشفيات أو يتعرَّض إلى عمل جراحي؟
هل يتعرَّضُ للأذى في جسمه أو ماله بسبب حوادث طبيعية كالزلازل والسيول والأعاصير؟
هل يعترف بالنظام الإداري الحاكم في بلده ويجري أموره ومعاملاته عن طريق ذلك النظام؟
فمثلاً هل يمتلك بطاقة شخصية وهوية ودفتر تأمين وجواز سفر ويضطر للقيام بالمعاملات الإدارية اللازمة إذا أرد أن يشتري منزلاً أو يبنيه؟
هل يشارك في الانتخابات وفي المظاهرات الشعبية؟
هل يكتب مقالات أو يؤلف كتباً (باسم مستعار) وينشرها(بالمناسبة إذا كان إمام الزمان (عج) موجود حقيقة فلماذا لا يكتب تفسيراً صحيحاً لآيات القرآن بقلم جميل وجذاب وباستدلالات محكمة لا يمكن الاعتراض عليها ويبين حقائق الإسلام وتعاليم الله الأصيلة النقية في قالب مقالات أو كتب ينشرها باسم مستعار؟ هل كتابة مقالة أو كتاب باسم مستعار مستحيل عليه أو محرم؟ )؟
هل سبق أن اعتقلته الشرطة بغير حق وسجنته ظلماً؟
وآخر سؤال هي يُحْتَمَل موته أم لا؟
للفرار من جميع هذه الأسئلة نحن مضطرون إلى أن نفترض فرضاً آخر هو التالي:
2. الفرضية الثانية هي أن لا يكون الإمام الثاني عشر إنساناً طبيعياً كسائر البشر بل يكون مختلفاً اختلافاً كاملاً عن سائر الناس من ناحية الجسم والروح. بعبارة أخرى في هذا الفرض يمارس الإمام حياةً غير طبيعية واستثنائيةً تماماً.
فالله تعالى يحفظه مثلاً بطرق غيبية وفوق طبيعية من الأمراض الخطيرة والحوادث المميتة. ولا يحتاج في سفره إلى استخدام وسائل النقل بل يطوي الأرض بلمح البصر ويستطيع أن يتواجد بطرفة عين في أي مكان في الدنيا. جميع أمور العالم تحت نظره بفضل طرق غيبية وهو مطلع على ضمائر جميع البشر.
يمكنه أن يتصرف في أمور العالم والحوادث طبقاً لرغبته. لا يحتاج في حياته إلى أي لوازم كالثلاجة وفرن الغاز والمكيف والمدفأة و... ولا يستخدم الغاز ولا الكهرباء لأنه عندئذ سيجبر على دفع فواتيرها. عندما يعطش يشرب من المياه الطبيعية أي من الينابيع والأنهار.
إذا كان له بيت يعيش فيه فلا بد أنه في جزيرة لم تصل إليها حضارة البشر بعد (مثل الجزر النائية والمهجورة في أقاصي المحيطات). إذا احتاج إلى الطعام فإما أن يأتيه من الجنة أو يحصل عليه دائماً عن طريق صيد الحيوانات. إذا كانت لديه رغبة جنسية فإنه يشبعها بطريقة غير طبيعية وغير معروفة مثل أن يعيش مع حوريات الجنة ولذا فليس لديه أي مشاكل حياتية أو عائلية طبيعية
مما هو رائج في المجتمعات البشرية. ولا تسألوا عن مرضه فإما أنه لا يمرض أصلاً أو أنه بمجرد أن يمرض فإنه بدعاء واحد يشفي نفسه على الفور. أساساً هل يُعْقَل أن يمرض من هو شاف للناس من أمراضهم؟!
الإمام الثاني عشـر رغم أنه بين الناس ويمشي في الأزقة والشوارع
ويشارك في مناسك الحج لكن أحداً لا يراه!.