دراسة وتمحيص أحاديث النص على اثني عشر إمام حديث 7و8و9و10
عقائد الشيعة الاثني عشرية:
تمهبد :
من أسوأ الآفات التي عانت منها جميع الرسالات السماوية آفة غلوّ بعض أتباعها في أنبيائهم وأوليائهم إلى درجة التأليه الصريح - كما في النصرانية – أو التأليه الضمني بإضفاء الصفات الإلـهية إليهم كما في فرق الغلاة المنتسبين للشيعة في النبي صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة من آله -عَليهِمُ السَّلام-
فنسبوا إليهم تلك الأوصاف وبعضهم زاد في الغلوِّ فنسب للنبي والأئمة تدبير الكون والإحياء والإماتة وتقسيم أرزاق العباد والحكم بينهم يوم المعاد وغير ذلك من صفات الله وأفعاله!!
وبعضهم الآخر ألّـهَ الإمام عليَّ بن أبي طالب (ع) أو النبيَّ والأئمة صراحةً كفرقة السبئية وفرقة الخطابية وفرقة النميرية والمفوِّضة وغيرهم من فرق الغلاة.لكن الغلاة تمكّنوا قديماً من دسِّ كثير من الأخبار المختلقة والقصص الملفَّقة الطافحة بالغلوّ بين الشيعة، فبذروا بذلك بذوراً خبيثة للغلوِّ يمكنها أن تُنْبِتُ في كلِّ عصرٍ وزمان غلاةً منحرفين يحيون أقاويل أسلافهم من الغلاة القدماء لاسيما المفوّضة الملعونين على لسان الأئمة الطاهرين.
إن وظيفة الإمام عند الشيعة، تتجاوز الوظيفة السياسية والقيادة الدنيوية كما هي وظيفته في منظور أهل السنة، بل هي استمرار للنبوة، ووظيفة الإمام عندهم كوظيفة النبي، وصفاته كصفاته، وتعيين الإمام كتعيين النبي لا يتم إلا باختيار إلهي. لذلك أوردوا روايات تصف أئمتهم بكل صفات الكمال التي في الرسل والأنبياء، فلا فرق عندهم بين الإمام والنبي،
حتى قال المجلسي (1): صاحب كتاب من أهم كتبهم وهو: بحار الأنوار، في مائة وعشر مجلدات.
«إن استنباط الفرق بين النبي والإمام من تلك الأخبار لا يخلوا من إشكال ... ولا نعرف جهة لعدم اتصافهم بالنبوة إلا رعاية خاتم الأنبياء، ولا يصل عقولنا فرق بين النبوة والإمامة» (2)بحار الأنوار ج26 ص82 (وفي الكافي وغيره روايات كثيرة تؤكد ذلك،
نذكر منها هذه الرواية في باب الفرق بين النبي والرسول والمحدث، قال: «كتب الحسن بن العباس المعروفي إلى الرضا عليه السلام: جعلت فداك أخبرني ما الفرق بين الرسول والنبي والامام؟
قال: فكتب أو قال: الفرق بين الرسول والنبي والامام أن الرسول الذي ينزل عليه جبرئيل فيراه ويسمع كلامه وينزل عليه الوحي وربما رأى في منامه نحو رؤيا إبراهيم عليه السلام، والنبي ربما سمع الكلام وربما رأى الشخص ولم يسمع والامام هو الذي يسمع الكلام ولا يرى الشخص» الكافي - الكليني - ج 1 ص 176.
فالإمامة عندهم منصب رباني له من القداسة ما للنبوة أو أكثر، دققوا في الكلام
يقول آية الله المظفر، وهو من أكابر علمائهم، وكتابه يدرس إلى اليوم في حوزاتهم:
«نعتقد أن الإمامة كالنبوة لا تكون إلا بالنص من الله تعالى على لسان رسوله أو لسان الإمام المنصوب بالنص إذا أراد أن ينص على الإمام من بعده، وحكمها في ذلك حكم النبوة بلا فرق،
فليس للناس أن يتحكموا فيمن يعينه الله هاديا ومرشدا لعامة البشر، كما ليس لهم حق تعيينه أو ترشيحه أو انتخابه، لأن الشخص الذي له من نفسه القدسية استعدادا لتحمل أعباء الإمامة العامة وهداية البشر قاطبة يجب إلا يعرف إلا بتعريف الله ولا يعين إلا بتعيينه» ( عقائد الإمامية - الشيخ محمد رضا المظفر - ص 74)
فانفردت العقيدة الشيعية عن كل الفرق الإسلامية باعتمادها على هذا المبدأ وجعله ركنا أساسيا ينبني عليه الدخول في الإسلام أو الخروج منه، بل جعلوه أهم ركن من أركانه:
فعن أبي جعفر قال:
«بني الإسلام على خمس: على الصلاة والزكاة والصوم والحج والولاية، ولم يناد بشيء كما نودي بالولاية، فأخذ الناس بأربع، وتركوا هذه» (3)
وفي رواية «بني الإسلام على شهادة أن لا اله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان والحج إلى البيت، وولاية علي بن أبي طالب»
انظر هذه الروايات في الكافي ج2 ص21،22،32. أمإلي الصدوق ص221، 279، 510. ثواب الأعمال ص 15.
إثبات الهداة ج1 ص90، 91، 529، 545، 635. رجال الكشي ص 356.
علل الشرائع ص 94 تفسير العياشي ج2 ص 117. أمالي المفيد ص209
. أمإلي الطوسي ص 530. من لا يحضره الفقيه ج1 ص 101، 131
كما جعلوا قبول أعمال العباد متوقف على اعترافهم بالأئمة .
«عن جعفر بن محمد، عن أبيه «عليه السلام» قال:
نزل جبرئيل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: يامحمد السلام يقرئك السلام، ويقول: خلقت السماوات السبع وما فيهن، والأرضين السبع وما عليهن، وما خلقت موضعا أعظم من الركن والمقام، ولو أن عبدا دعاني منذ خلقت السماوات والأرضين ثم لقيني جاحدا لولاية علي لأكببته في سقر».)وسائل الشيعة - الحر العاملي - ج 1 - ص 123 وفي امالي الصدوق ص 154 والبحار ج24ص51/ج27 ص167 وغيرها
ويقول الإمام الصادق (ع):
«مَا زَالَتِ الْأَرْضُ إِلَّا ولِـلَّهِ فِيهَا الحُجَّةُ يُعَرِّفُ الحَلَالَ وَالحَرَامَ وَيَدْعُو النَّاسَ إِلَى سَبِيلِ الله» الكليني، أصول الكافي، كتاب الحجة، بَابُ أَنَّ الأَرْضَ لا تَخْـلُو مِنْ حُجَّةٍ، ج1/ص178.
ويقول الإمام محمد الباقر (ع) أيضاً:
«وَاللهِ مَا تَرَكَ اللهُ أَرْضاً مُنْذُ قَبَضَ آدَمَ (ع) إِلَّا وَفِيهَا إِمَامٌ يُهْتَدَى بِهِ إِلَى الله وَهُوَ حُجَّتُهُ عَلَى عِبَادِهِ وَلَا تَبْقَى الْأَرْضُ بِغَيْرِ إِمَامٍ حُجَّةٍ لِـلَّهِ عَلَى عِبَادِهِ»الكليني، أصول الكافي، كتاب الحجة، بَابُ أَنَّ الأَرْضَ لا تَخْـلُو مِنْ حُجَّةٍ، ج1/ص179.
وفي رواية أخرى يقول الإمام الصادق (ع) كذلك:
«الْأَوْصِيَاءُ هُمْ أَبْوَابُ الله عَزَّ وَجَلَّ الَّتِي يُؤْتَى مِنْهَا وَلَوْلَاهُمْ مَا عُرِفَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ وَبِهِمُ احْتَجَّ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَى خَلْقِهِ»( الكليني، أصول الكافي، كتاب الحجة، بَابُ أَنَّ الأَئِمَّةَ (ع) خُلَفَاءُ الله عَزَّ وَجَلَّ فِي أَرْضِهِ وَأَبْوَابُهُ الَّتِي مِنْهَا يُؤْتَى، ج1/ص193.
أحاديث النص على اثني عشر إمام
كما بينا سابقا تدعي الشيعه بان النبي قد اوصي بالولايه لسيدنا علي من بعده وتوجد في كتب الشيعة الإمامية، علاوةً على ذلك ان الرسول قد اوصي بأمر ربه تعالى، على اثني عشر إماماً واحداً واحداً ببيان أسمائهم وعلاماتهم، بحيث لا يبقى عذرٌ لأحد!!!!!!!!!!!!!!!
والان دراسة وتمحيص أحاديث النص على اثني عشر إمام
الحديث السابع
حديث آخر أخرجه الشيخ الصدوق أيضاً
في كتابيه إكمال الدين وعيون أخبار الرضا وننقله فيما يلي مختصرا
من كتاب "إثبات الهداة" للشيخ الحر العاملي: (ج2/ص328):
[حدثنا أبو الحسن علي بن ثابت الدواليبي بمدينة السلام سنة 325 قال:
حدثنا محمد بن الفضل النحوي قال حدثنا محمد بن علي بن عبد الصمد الكوفي
قال حدثنا علي بن عاصم عن محمد بن علي بن موسى عليه السلام عن أبيه علي بن موسى عن أبيه موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن علي عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام قال:
دخلت على رسول الله وعنده أُبَيُّ بن كعب
فقال رسول الله: مرحبا بك يا أبا عبد الله يا زين السموات والأرض،
فقال أُبَيٌّ: وكيف يكون يا رسول الله زين السموات والأرض أحد غيرك؟
فقال: يا أُبَيّ والذي بعثني بالحق نبياً إن الحسين بن علي في السماء أكبر منه في الأرض فإنه مكتوب عن يمين العرش: مصباح هدى وسفينة نجاة وإمام خير ويمن وعز وفخر وعلم وذخر، وإن الله ركب في صلبه نطفة طيبة مباركة زكية خلقت من قبل أن يكون مخلوق في الأرحام ويجري ماء في الأصلاب ويكون ليل ونهار...
.و قد لُقِّـنَ دعوات ما يدعو بهن مخلوق إلا حشره الله عز وجل معه، وكان شفيعه في آخرته، وفرج الله عنه كربه وقضى بها دينه ويسر أمره وأوضح سبيله وقواه على عدوه ولم يهتك ستره، فقال أبي بن كعب: وما هذه الدعوات يا رسول الله؟
قال: تدعو إذا فرغت من صلاتك وأنت قاعد:" اللهم إني أسألك بكلماتك ومعاقد عرشك وسكان سمواتك وأنبيائك ورسلك أن تستجيب لي، فقد رهقني من أمري عسراً فأسألك أن تصلي على محمد وآل محمد وأن تجعل لي من أمري يسراً "
فإن الله عز وجل يسهل أمرك ويشرح صدرك ويلقنك شهادة أن لا إله إلا الله عند خروج نفسك...،
فقال له أُبَيّ: يا رسول الله ما هذه النطفة التي في صلب حبيبي الحسين؟
قال: مثل هذه النطفة كمثل القمر وهي نطفة تبيين وبيان يكون من اتبعه رشيدا ومن ضل عنه هويا،
قال: وما اسمه؟
قال: اسمه علي ودعاؤه: يا دائم يا ديموم....،
فقال له يا رسول الله! فهل له من ذرية ومن خلف أو وصيٍّ؟
قال: نعم، له مواريث السموات والأرض
قال: وما معنى مواريث السموات والأرض؟
قال: القضاء بالحق والحكم بالديانة وتأويل الأحلام وبيان ما يكون،
قال: فما اسمه؟
قال: اسمه محمد....، ركب الله في صلبه نطفة مباركة زكية وأخبرني جبرئيل إن الله طيبَ هذه النطفة وسماه جعفرا وجعله هادياً مهدياً وراضياً مرضياً يدعو ربه فيقول في دعائه:....،
يا أُبَـيّ إن الله ركب في هذه النطفة نطفة زكية مباركة طيبة أنزل عليها الرحمة سماها عنده موسى وإن الله ركب في صلبه نطفةً مباركةً طيبةً زكيةً مرضيةً سماها عنده عليّاً يكون لِـلّهِ في خلقه رضياً في علمه وحكمه ويجعله حجةً لشيعته يحتجون به يوم القيامة وله دعاء يدعو به....، وإن الله عز وجل ركب في صلبه نطفةً طيبةً مباركةً زكيةً راضية مرضيةً وسماها محمد بن علي فهو شفيع لشيعته ووارث علم جده....
و إن الله تبارك وتعالى ركب في صلبه نطفة مباركة طيبة زكية راضية مرضية لا باغية ولا طاغية بارة مباركة طيبة طاهرة سماها عنده علي بن محمد فألبسها السكينة والوقار وأودعها العلوم وكل سر مكتوم....، وإن الله تبارك وتعالى ركب في صلبه نطفة طيبة وسماها عنده الحسن بن علي فجعله نورا في بلاده وخليفته في عباده وعزَّاً لأمة جده هاديا لشيعته وشفيعا لهم عند ربهم ونقمة على من خالفه وحجة لمن والاه وبرهانا لمن اتخذه إماماً....،
وإن الله ركب في صلب الحسن نطفة مباركة طيبة طاهرة مطهرة يرضى بها كل مؤمن قد أخذ الله ميثاقه في الولاية ويكفر بها كل جاحد،
وهو إمام تقي نقي مرضي هاد ومهدي يحكم بالعدل ويأمر به يصدق الله عز وجل ويصدقه الله في قوله يخرج من تهامة حتى تظهر الدلائل والعلامات وله بالطالقان كنوز لا ذهب إلا خيول مطهمة ورجال مسوَّمة يجمع الله عز وجل له من أقاصي البلاد على عدد أهل بدر ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا،
معه صحيفة مختومة فيها عدد أصحابه بأسمائهم وأنسابهم وبلدانهم وطبائعهم وحلاهم وكناهم كدَّادون مجدون في طاعته. فقال له أُبَيّ: وما دلائله وعلاماته يا رسول الله؟
قال: له علم إذا حان وقت خروجه انتشر ذلك العلم من نفسه.....]
وفي آخر الحديث: [قال أُبَيّ: يا رسول الله كيف بيان حال هذه الأئمة عن الله عز وجل؟ قال: إن الله عز وجل أنزل عليَّ اثنا عشر صحيفة اسم كل إمام في خاتمه وصفته في صحيفته].
وقد تضمن الحديث ذكر دعاء خاص يدعو به كل إمام من الأئمة ويبين رسول الله ثوابه العظيم (!) لأُبَيّ،
ولما كان الحديث طويلا جداً أعرضنا عن ذكر كل الأدعية طلبا للاختصار واكـتـفـينا بما ذكرناه منه
ومن رغب بالوقوف عليه بتمامه فيمكنه الرجوع لعيون أخبار الرضا: ج 1/ ص62-65، أو إكمال الدين: ص 266 أو الجزء التاسع من بحار الأنوار (طبعة تبريز القديمة).
بعد التدقيق في هذا الحديث نقول
لنبدأ بدراسة سند الحديث:
· الراويان الثاني والثالث في سلسلة السند وهما: محمد بن الفضل النحوي ومحمد بن علي بن عبد الصمد الكوفي، ليس لهما ذكر في كتب رجال الشيعة ولا ندري من كانا وما حالهما؟
· أما علي بن عاصم فله ذكر في كتب رجال الشيعة وكتب رجال العامة (أي السنة) وكلاهما نسبه للتشيع، فذكر الممقاني في تنقيح المقال (ج2/ ص294) أنه كان من شيوخ الشيعة المتقدمين وأنه أُخِذَ في زمن المعتضد العباسي مع جماعة من أصحابه مغلولا إلى بغداد بتهمة التشيع وسجن ومات في السجن. وقال عنه الفاضل محمد الأردبيلي في جامع الرواة (ج1/ص588): [علي بن عاصم بن صهيب الواسطي التميمي مولاهم صدوق يخطئ ويصر، ورمي بالتشيع من التاسعة،
مات سنة إحدى ومائتين وقد جاوز التسعين. قاله (ابن حجر) في التقريب. وقال الذهبي ضعَّفوه ومات سنة 201هـ] اهـ. مختصراً.
ولكن هذا التعريف له لا ينطبق على علي بن عاصم الذي نحن في صدده والذي قال الممقاني أنه أخذ في زمن المعتضد، ذلك أن المعتضد إنما ولي الخلافة سنة 279هـ.( انظر المنتظم في تاريخ الأمم لابن الجوزي: ج12/ص305 (بيروت، 1412هـ/1992))أي بعد 78 سنة من موته!
بالإضافة إلى أن الإمام محمد بن علي التقي - الذي يروي عنه محمد بن عاصم مباشرة هذا الحديث - ولد سنة 195هـ.،
وبالتالي فعند وفاة علي بن عاصم هذا كان عمر الإمام ست سنوات فقط! فعلي بن عاصم المتوفى سنة 201هـ. كان معاصراً للإمام الرضا لا لابنه محمد، فمن غير المعقول أن يرجع في الرواية إلى ابنه الصغير الذي كان عمره، على أكثر تقدير، ست سنوات!
عوضاً عن الرجوع للرضا الذي كان مرجع الشيعة في ذلك العصر! فمن المقطوع به أن الذي قبض عليه زمن المعتضد غير علي بن عاصم المترجم له في كتب رجال العامَّة، وبالتالي لا ندري من هو وما حاله بالضبط؟
وأخيراً فالسند ينتهي إلى الإمام الحسين عليه السلام الذي سمعه من النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) مباشرةً، عندما كان عنده أبي بن كعب فقط!
وهذا الأمر فيه إشكال من عدة وجوه:
1- لماذا لم يُسمَع هذا الحديث من أحد من الأئمة قبل الإمام محمد التقي حتى أباح به لشخص واحد فقط هو علي بن عاصم المجهول الهوية بل ربما معدوم الوجود!
2- لماذا لم يرو أبي بن كعب هذا الحديث ولم يسمعه أحد منه مع أنه الوحيد الذي حظي بسماعه، خاصة أن الرسول (صلى الله عليه وآله) لم يأمره بكتمانه وصيانته عن غير أهله!
كما أمر جابرا في حديث تفسير أولي الأمر! إن هذا كتمان لما أنزل الله من البينات وهذا لا يمكن أن يفعله أُبيّ الذي كان من خيار الصحابة ومحبي أهل بيت النبي(صلى الله عليه وآله)!
3- الحديث يتضمن أدعية اختص بها كل إمام، فلو فرضنا أن ذكر أسماء الأئمة كان ممنوعا لما فيه من خطر على حياتهم فهلا علَّم الرسول والأئمة من بعده الناس هذه الأدعية التي لها كل هذا الثواب العظيم، ليستفيدوا منها وينالوا ثوابها العميم؟
مع أنها لم تسمع منهم في غير هذا الحديث، أفليست كل هذه الإشكالات دليل على أن الحديث موضوع من أساسه؟.
أما من ناحية
متن الحديث
فقرائن الوضع فيه كثيرة نذكر منها ما يلي:
يروي عن حضرة الحسين قوله: دخلت على رسول الله وعنده أُبَيّ بن كعب
فقال (صلى الله عليه وآله): مرحبا بك يا أبا عبد الله! في حين أن الحسين بن علي عليهما السلام كانت سنه حين وفاته (صلى الله عليه وآله وسلم) ست سنوات،
ومن غير المعلوم في أي سنة دخل على رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وأيا كان فلا يمكن أن يخاطب الرسول طفلا صغيرا لم يتزوج بعد ولا ولد له: بأبي عبد الله!
لأن الكنية إنما تطلق على الشخص بعد أن يصبح ذا ولد. وقطعا لم يكن للحسين هذه الكنية في ذلك السن. لكن واضع الحديث غفل عن هذه النقطة!
في الحديث يقول الرسول (صلى الله عليه وآله) للحسين:
يا زين السموات والأرض.. ويستشكل أُبَيّ هذا الوصف قائلا وهل أحد غيرك يا رسول الله زين السموات والأرض؟ هذا مع أنه لم يُسْمَع في أي حديث عن أي صحابي تلقيب الرسول أو وصفه بزين السموات والأرض فضلا عن أن يُختَصّ الحسين بمثل هذا اللقب،
بل الذي ورد في القرآن أن زينة السموات هي النجوم: ﴿ و لقد زيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيَا بِزِينةٍ الكَوَاكِبِ ﴾!
وعلى فرض أن لها زينة غير ذلك فإذا كانت النبوة فهي غير منحصرة بسيدنا رسول الله(صلى الله عليه وآله) إذ هناك الكثيرون غيره من الأنبياء وإذا كانت الصلاح والولاية فغير منحصرة بالحسين فقط.
ثم إن الرسول (صلى الله عليه وآله) لم يجب على استشكال أُبَيّ إلا بقوله أن الحسين في السماء أكبر منه في الأرض، مع أن كثيرين هم في السموات أكبر منهم في الأرض ومع ذلك ليسوا زين السموات والأرض! فالجواب لم يكن محكما في محله، (وحاشا رسول الله هذا الضعف في البيان).
اهتم رسول الله (صلى الله عليه وآله) في هذا الحديث
بتمجيد نطفة الحسين وبيان صفاتها ومقامها وكذلك نطفة من بعده حتى وصفت نطفة الإمام العاشر بإحدى عشر صفة! مما ينبغي لأجله أن يسمى هذا الحديث حقّاًبحديث النطفـة!!
وقد جعل نطفة الحسين مخلوقةً قبل أن يجري ماء في الأصلاب أو يكون ليل ونهار!!
فلا ندري أين كانت النطفة مستقرة إن لم تكن في الأصلاب؟؟
في الحديث يذكر الرسول (صلى الله عليه وآله) لأُبَيٍّ دعاءً لُقِّـنه الحسين ويبين له أن من دعا به حشره الله مع الحسين وكان الحسين شفيعه في آخرته وفرج الله كربه وقضى دينه ويسر أمره وأوضح سبيله وقواه على عدوه و.. و..الخ!
ثم يذكر دعاءً من عدة كلمات لا تزيد على السطرين ولا تخلو من ركاكة!
فأي عقل ودين يقبل أن يكون لقراءة مثل هذين السطرين كل ذلك الأجر الكبير والثواب العظيم! ولماذا لم ينتفع الحسين نفسه بهذا الدعاء في تيسر أمره وفرج كربه وقوته على عدوه؟!
هذا لوحده يكفي في الدلالة على وضع هذا الحديث وأن ما فيه من أدعية وثواب عظيم على كل واحد منها ليس إلا من اختلاق أولئك الكذبة المخرفين الذين يريدون أن يغروا السذج بهذه الخرافات ويشجعوهم على ترك السعي والعمل ويفتحوا لهم باب الفسق والفجور ثم الاعتماد على كلمتي دعاء للنجاة ونيل شفاعة الحسين!
والأعجب من ذلك دعاء نطفة حضرة الباقر أي أن حضرة الصادق اختص بدعاء هو: يا ديَّان غير متوان... اجعل لشيعتي من النار وقاء ولهم عندك رضاء... وهب لهم الكبائر التي بينك وبينهم!
ثم قال: من دعا بهذا الدعاء حشره الله تعالى أبيض الوجه مع جعفر بن محمد إلى الجنة! حسنا علمنا أن لجعفر بن محمد شيعة وهو يدعو ربه لأجل شيعته، لكن سائر الناس ليس لهم شيعة،
فما معنى أن يدعو كل مسلم فيقول: اللهم اجعل لشيعتي من النار وقاء.. وهب لهم الكبائر؟!
ثم هل يغفر الله تعالى الكبائر بمجرد دعاء نطفة من سطرين؟
وهل هذا إلا تجرئٌ للناس على الخوض في الكبائر؟
انظر كيف سخر هذا الكذاب الوضاع للأحاديث من دين الله ومن الناس ووضع على لسان النبي (صلوات الله عليه) كل ما أوحاه له شيطانه.
ومن علامات الوضع الظاهرة في الحديث عبارة "وهَبْ لهم الكبائر" التي يكشف التأمل في ألفاظها أن واضعها كان فارسيا وذلك لأنه عوضا عن استخدام عبارة: "اغفر لهم الكبائر.." قال: "و هَبْ لهم الكبائر...
" في حين أنه لا يعبر أبداً - في العربية - عن طلب غفران الذنوب بتعبير: هب لهم!
بل اغفر لهم، لأن الهبة عطاء لما هو خير ورحمة كقوله تعالى: ﴿ وهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً ﴾ [آل عمران:8]
، أو ﴿ هَبْ لِيْ مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً ﴾ [آل عمران:38]
، أو ﴿ ربِّ اغْفِرْ لي وهَبْ لي مُلْكَاً ﴾ [ص:35]،
ولكن لا يأتي في العربية أبداً تعبير "رب هب لي الفواحش وكبائر الذنوب!".
ذلك أنه لا يوجد في اللغة العربية تجانس بين الألفاظ الدالة على معنى "العطاء والهبة والإهداء..." وبين الألفاظ الدالة على معنى "الغفران والصفح والتجاوز"، بعكس اللغة الفارسية التي يوجد فيها تجانس وتقارب بين ألفاظ المعنيين،
ففي الفارسية يعبر عن كلا معنى العطاء ومعنى الغفران بنفس الفعل وهو "بخشيدن" و"بخشودن" فنقول في الفارسية: "گناه او را ببخش": أي: اغفر له ذنبه، ونقول: "اين لباس به او ببخش" أي: أعطه هذا اللباس.
هذا التجانس في اللغة الفارسية هو الذي أوقع واضع الحديث - لعدم تمكنه من العربية - بهذا الخطأ الكبير في تعبيره "و هب لي الكبائر!"
، فالحديث من وضع رجل فارسي غير متمكن من العربية ولا يمكن أن يكون من كلام إمام من أئمة أهل البيت العرب الأقحاح الفصحاء عليهم السلام أو كلام نبي الإسلام سيد الفصحاء (صلى الله عليه وآله وسلم)(واصل المؤلف ذكر انتقادات أخرى طويلة نسبيا لمتن الحديث، رأيت الاكتفاء بما ذكرته، طلبا للاختصار وابتعادا عن التطويل الممل.).
========================
الحديث الثامن
حديث آخر فيه التصريح بأسماء الأئمة الاثني عشر، أخرجه الشيخ الصدوق
في كتابه إكمال الدين ونقله المجلسي في المجلد التاسع من البحار (ص158 من طبعة تبريز) وأورده الشيخ الحر العاملي أيضاً في كتابه إثبات الهداة:
[ حدثنا محمد بن موسى المتوكل قال حدثني محمد بن أبي عبد الله الكوفي الأسدي قال حدثنا موسى بن عمران النخعي عن عمه الحسين بن يزيد عن الحسن بن علي بن أبي حمزة عن أبيه عن الصادق جعفر بن محمد عن آبائهم عليهم السلام قال:
قال رسول الله: حدثني جبرئيل عن رب العالمين جل جلاله أنه قال:
من علم أنه لا إله إلا أنا وحدي وأن محمداً عبدي ورسولي وأن علي بن أبي طالب خليفتي وأن الأئمة من ولده حججي أدخلته الجنة برحمتي ونجيته من النار بعفوي وأبحت له جواريي وأوجبت له كرامتي وأتممت عليه نعمتي وجعلته من خاصتي وخالصتي إن ناداني لبيته وإن دعاني أجبته وإن سألني أعطيته وإن سكتَ ابتدأته وإن أساء رحمته وإن فرَّ منِّي دعوته وإن رجع إليَّ قبلته وإن قرع بابي فتحته،
ومن لم يشهد أن لا إله إلا أنا وحدي أو شهد ولم يشهد أن محمداً عبدي ورسولي أو شهد ولم يشهد أن علي بن أبي طالب خليفتي أو شهد بذلك ولم يشهد أن الأئمة من ولده حججي، فقد جحد نعمتي وصغَّر عظمتي وكفر بآياتي وكتبي، إن قصدني حجبته وإن سألني حرمته وإن ناداني لم أسمع نداه وإن دعاني لم أسمع دعاه وإن رجاني خيبته وذلك جزاؤه مني وما أنا بظلام للعبيد،
فقام جابر بن عبد الله الأنصاري
فقال: يا رسول الله ومَنِ الأئمة مِنْ ولد علي بن أبي طالب؟
قال: الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ثم سيد العابدين في زمانه علي بن الحسين، ثم الباقر محمد بن علي وستدركه يا جابر وإذا أدركته فأقرئه مني السلام ثم الصادق جعفر بن محمد ثم الكاظم موسى بن جعفر ثم الرضا علي بن موسى ثم التقي محمد بن علي ثم الهادي علي بن محمد ثم الزكي الحسن بن علي ثم ابنه القائم بالحق مهدي أمتي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً. هؤلاء يا جابر خلفائي وأوصيائي وأولادي وعترتي من أطاعهم فقد أطاعني ومن عصاهم فقد عصاني ومن أنكر واحداً منهم فقد أنكرني بهم يمسك السموات أن تقع على الأرض إلا بإذنه وبهم يحفظ الأرض أن تميد بأهلها.]
بعد التدقيق في هذا الحديث نقول
أما سند هذا الحديث:
1) ثاني راوي في سلسلة السند محمد بن أبي عبد الله الكوفي الأسدي هو محمد بن جعفر بن محمد بن عون الأسدي الذي يطلقون عليه محمد بن أبي عبد الله، نقل الممقاني في تنقيح الرجال (ج2/ص95) والتفرشي في نقد الرجال (ص 298) قول النجاشي عنه: [كان ثقة صحيح الحديث إلا أنه روى عن الضعفاء وكان يقول بالجبر والتشبيه]،
ثم قال العلامة الحلي في الخلاصة: [أنا في حديثه من المتوقفين]، وكذلك ابن داود الحلي قال عنه في رجاله: [فيه طعن أوجب ذكره في الضعفاء] ثم يبدي الممقاني رأيه فيعترف أولا قائلا: [قوله بالجبر والتشبيه لو كان على حقيقته لأوجب فسقه بل كفره!] لكنه يحاول عقب ذلك نفي هذه التهمة أو التخفيف منها - كما هو منهجه في التساهل بشأن الرواة - وتوثيق الرجل بحجة أن الأصحاب القدماء رووا عنه الخ...
2) وهذا قد روى هذا المتهم بالجبر والتشبيه، روايته هذه، عن شيخه موسى بن عمران النخعي الذي يبدو أنه نفس موسى النخعي الذي تعاون مع ذلك الكوفي الأسدي في صياغة الزيارة الجامعة الكبيرة المعروفة وهي زيارة لا تخلو من غلو واضح وعبارات فيها جبر وتشبيه،
هذا على الرغم من أن اسم موسى النخعي لم يذكر صريحاً في كتب الرجال بل ذكر في سند الزيارة الجامعة باسم موسى بن عبد الله، لكن في عيون أخبار الرضا ذكره في سند الزيارة بعين هذا الاسم فقال: حدثنا موسى بن عمران النخعي قال: قلت لعلي بن موسى بن جعفر: علمني يا ابن رسول الله قولا أقوله بليغاً إذا زرت واحداً منكم..، ومن مشرب محمد بن جعفر يظهر أن موسى النخعي الذي أتى بالزيارة الجامعة هو نفس موسى النخعي الذي في سند هذا الحديث(انظر عيون أخبار الرضا: ج 2/ ص 305 (). ولعله وقع خطأ للنساخ في سند الزيارة الجامعة فصحَّفوا موسى بن عمران إلى موسى بن عبد الله نظراً لشدة التشابه بينهما (خاصة في الخط الكوفي) وعلى أي حال فقد روى موسى بن عمران أو موسى بن عبد الله حديث الباب عن عمّه:
3) الحسين بن يزيد: وهو شخص متهم بالغلو، ومعلوم أن الغلاة، طبقاً للأحاديث الصحيحة الواردة عن أهل البيت عليهم السلام، أشد ضرراً على الإسلام من اليهود والنصارى والمشركين،
قال الممقاني في تنقيح المقال (ج1/ص349): [قال النجاشي: حسين بن يزيد بن محمد بن عبدالملك النوفلي،.. وقال قوم من القُمّيِّين أنه غلا في آخر عمره والله أعلم. وقد روى عن الحسن بن علي بن أبي حمزة]
4) أما الحسن بن علي بن أبي حمزة: فيجب الانتباه أولا إلى أن جده ليس أبا حمزة الثمالي، كما اشتبهت به بعض النسخ، بل هوأبو حمزة البطائني لأن أبا حمزة الثمالي ليس له ولد باسم علي ولا له حفيد باسم الحسن، كما صرح بذلك النجاشي في ترجمته في رجاله (ص89) فقال: [وأولاده (أي أبو حمزة الثمالي) نوح ومنصور وحمزة قتلوا مع زيد]( ج1/ص289 من الطبعة الجديدة المحققة، ترجمة ثابت بن أبي صفية وهو اسم أبي حمزة الثمالي).
أما صاحبنا الحسن بن علي بن أبي حمزة البطائني فقال عنه المرحوم الكشي في رجاله - كما ينقل ذلك الأردبيلي في جامع الرواة (ج1/ص208) والتفرشي في نقد الرجال (ص92): [قال محمد بن مسعود: سألت علي بن الحسن بن فضال عن الحسن بن علي بن أبي حمزة البطائني فقال: كذاب ملعون! وإني لا أستحل أن أروي عنه حديثاً واحداً، حكى لي أبو الحسن محمدويه بن نصير عن بعض أشياخه أنه قال الحسن بن علي بن أبي حمزة رجل سوء!] ثم يذكرانِ قول ابن الغضائري عنه: [أبو محمد واقف بن واقفي ضعيف في نفسه وأبوه أوثق منه وقال الحسن بن علي بن فضال: إني لأستحي من الله أن أروي عن الحسن بن علي]. وقد روى المترجم له حديث الباب عن أبيه:
5) علي بن أبي حمزة البطائني الذي تقدم أنه واقفي، بل نقل النجاشي في رجاله والعلامة الحلي في خلاصته قول ابن الغضائري فيه: [علي بن أبي حمزة لعنه الله أصل الوقف وأشد الخلق عداوة للولي من بعد أبي ابراهيم] أي بعد الإمام موسى الكاظم.
هذا وقد أورد الكشي في ذمه روايات كثيرة فمن شاء فليرجع إليه، منها ما روى الكشي في رجاله (ص393) من قصة حضور علي بن حمزة هذا إلى محضر الإمام الرضا عليه السلام الذي رغم أنه أثبت له بالدلائل الواضحة أنه الإمام بعد أبيه الكاظم وأن أباه قد توفي حقّاً، لم يقبل منه ولم يعترف بإمامته! فأي أحمق يمكنه أن يصدق أن مثل هذا الشخص الذي عاش ومات واقفيّاً بل كان من شيوخ الواقفة، كان يعرف ويروي هذا الحديث الذي يذكر فيه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) صراحة اسم الإمام الرضا واسم من بعده من الأئمة حتى القائم ويؤكد أن [من أنكر واحداً من حججي فقد جحد نعمتي وصغَّـر عظمـتي وكفر بآياتي وكتبي، ومن أنكر واحداً منهم فقد أنكرني!..] وهو باق رغم ذلك على وقفه؟!
أما من ناحية متن الحديث:
فأوَّل قرينة على وضعه أنه يجعل معرفة الأئمة فقط شرط النجاة ونيل رحمة الله ونعمه ورضوانه، في حين أن النجاة - كما أكد القرآن الكريم مراراً وكما ورد في السنة وأحاديث الأئمة كثيراً - لا يكفي لأجلها مجرد الاعتقاد بل لا بد من أن يُشْفَعَ ذلك بالتقوى والعمل الصالح.
واضح من الجملة الأخيرة للحديث:
"من أنكر واحداً منهم فقد أنكرني، بهم يمسك السموات أن تقع على الأرض إلا بإذنه، وبهم يحفظ الأرض أن تميد بأهلها!"
أن "الحسين بن يزيد" المتهم بالغلو، يقوم بترويج عقيدته الغالية، فيجعل وجود الأئمة عليهم السلام هو الحافظ للسموات من أن تسقط على الأرض،
ولسائل أن يسأله: ولماذا لم تسقط السموات على الأرض قبل خلق الأئمة عليه السلام!
أما القرآن الكريم فيقول عن إمساك السموات: ﴿. ويُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الأَرْضِ إِلا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [الحج:65]،
أي الرأفة والرحمة الإلـهية هي التي تحفظ الأجرام السماوية من السقوط على الأرض قبل أن يخلق أحد من الأئمة وبعد خلقهم...
وثالثاً: قوله فقام جابر بن عبد الله فسأله (صلى الله عليه وآله):...الخ،
ولرجل أن يتساءل: ما القصة في أن المهتم بهذا الأمر دائماً هو جابر فقط؟!
إن سياق الحديث يظهر منه أن الرسول(صلى الله عليه وآله) ألقى الحديث في مجلس، أفلم يكن في المجلس غير جابر حتى يقوم ويسأل؟!
هذا مع أن جابرَ ينبغي أن يكون في غنى عن مثل هذا السؤال لأنه - حسب رواية هؤلاء الوضاعين - قد شاهد اللوح الذي فيه أسماء جميع الأئمة عند فاطمة؟!
ثم لماذا لم يُرْوَ لنا هذا الحديث من قبل أي صحابي آخر غير جابر ممن كان حاضراً في ذلك المجلس؟
ومن هنا قال سفيان الثوري أنهم وضعوا على لسان جابر بن عبد الله ثلاثين ألف حديثٍ لا يستحلُّ جابر أن يروي منها حديثاً واحداً! هذا مع أننا نوقن أن وضع هذا الحديث تمَّ بعد عهد جابر، لكن يبدو أن الوضاع لم يكن يعرف صحابياً أشهر وأفضل من جابر فكان يذكره في آخر سلسلة سنده ليلقى حديثه القبول!
=====================================
الحديث التاسع
حديث آخر ذكرت فيه أسماء الأئمة الاثني عشر بصراحة، أخرجه الشيخ الطوسي في كتابه " الغيبة "
فقال:[أخبرنا جماعة عن أبي عبد الله الحسين بن علي بن سفيان البزوفري عن علي بن سنان الموصلي العدل عن علي بن الحسين عن أحمد بن محمد بن الخليل عن جعفر بن أحمد المصري عن عمه الحسن بن علي عن أبيه عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عن أبيه الباقر عن أبيه ذي الثفنات عن أبيه الحسين الزكي الشهيد عن أبيه أمير المؤمنين
قال: قال رسول الله في الليلة التي كانت فيها وفاته، لعلي: يا أبا الحسن أحضر صحيفة ودواة فأملى رسول الله وصيته حتى انتهى إلى هذا الموضع فقال يا علي: إنه سيكون بعدي اثنا عشر إماماً ومن بعدهم اثنا عشر مهدياً (!) فأنت يا علي أول الاثني عشر إمام، سماك الله في سمائه عليّاً والمرتضى وأمير المؤمنين والصديق الأكبر والفاروق الأعظم والمأمون والمهدي فلا تصلح هذه الأسماء لأحد غيرك، يا علي أنت وصيي على أهل بيتي حيهم وميتهم وعلى نسائي فمن ثبتَّها لقتني غدا ومن طلقتها فأنا بريء منها لم ترني ولم أرها في عرصة القيامة وأنت خليفتي على أمتي من بعدي
فإذا حضرتك الوفاة فسلمها إلى ابني الحسن البر الوصل فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابني الحسين الزكي الشهيد المقتول، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه زين العابدين ذي الثفنات علي، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه محمد الباقر العلم، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه جعفر الصادق فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه علي الرضا فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه محمد الثقة التقي وإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه حسن الفاضل
فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه محمد المستحفظ من آل محمد فذلك اثنا عشر إماماً،
ثم يكون من بعده اثني عشر مهدياً، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى أول المقربين، له ثلاثة أسامي: اسمه كاسمي واسم أبيه اسم أبي وهو عبد الله وأحمد والاسم الثاني المهدي هو أول المؤمنين]. الغيبة للشيخ الطوسي: ص 150، (قم: مؤسسة المعارف الإسلامية، 1411هـ)
بعد التدقيق في هذا الحديث نقول
سند الحديث :
علي بن سنان الموصلي، قال عنه الممقاني في تنقيح المقال (ج2/ص291): [ليس له ذكر في كتب الرجال]،
وقال عنه التستري في قاموس الرجال: [يستشم من وصفه بالعدل عاميته] يعني أنه يستشم من ذكر الطوسي له بعبارة: عن علي بن سنان الموصلي العدل، أنه من أهل السنة وليس من الإمامية،
وهذا أيضاً من المستغرب وغير المعقول أن يروي عامي مخالف لعقيدة الإمامية مثل هذا الحديث ومع ذلك لا يقبله هو نفسه ولا يصير إلى القول بمفاده!
علي بن الحسين الذي يروي عن أحمد بن محمد بن الخليل، أيضاً لا ذكر له في كتب الرجال وبالتالي فهو مجهول.
أحمد بن محمد بن الخليل، قال عنه النجاشي: [أبو عبد الله الآملي الطبري ضعيف جداً لا يُلتَفَت إليه](رجال النجاشي: ج1 / ص 243. ()،
وقال عنه الغضائري: [أحمد بن محمد الطبري أبو عبد الله الخليلي كذاب وضاع للحديث فاسد لا يُلتَفَت إليه](انظر ذلك مثلاً في جامع الرواة: ج1/ص 58.،
وروى حديثه عن جعفر بن محمد البصري وجعفر رواه عن عمه الحسن بن علي بن أبي حمزة (البطائني) الذي تقدم بيان حاله في الحديث السابق وأنه كذاب ملعون وأنه وأباه واقـفياَّن متعصبان في الوقف، فسند هذا الحديث واهي جداً لأن فيه مجهول عن كذوب وضاع عن واقفة، ولا تقوم حجة بمثل هكذا سند!
أما متن الحديث:
فأغرب وأعجب ما فيه أنه أهدى للشيعة اثني عشر مهديا بعد الإمام الثاني عشر الذي يفترض أنه هو المهدي!!، بل قال عن الإمام الثاني عشر: [فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى أول المقربين..] فأثبت الوفاة للإمام الثاني عشر الذي ألف الطوسي كل كتابه هذا لإثبات حياته وغيبته!
=============================================
الحديث التاسع
أورده العلامة المجلسي في بحار الأنوار (ج4/ص54 من طبعة تبريز الحجرية)
والسيد هاشم بن سليمان البحراني في غاية المرام (الباب 62: ص 60) فقال:
[قال ابن بابويه: حدثنا الحسن بن علي قال حدثنا هرون بن موسى قال أخبرنا محمد بن الحسن الصفار عن يعقوب بن يزيد عن محمد بن أبي عمير عن هشام قال:
كنت عند الصادق إذ دخل عليه معاوية بن وهب وعبد الملك بن أعين فقال معاوية بن وهب:
يا ابن رسول الله! ما تقول في الخبر الذي روي أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) رأى ربه، على أي صورة رآه؟
وعن الحديث الذي رووه أن المؤمنين يرون ربهم في الجنة، على أي صورة يرونه؟
فتبسم ثم قال: يا معاوية!
ما أقبح الرجل الذي يأتي عليه سبعون سنة أو ثمانون.... (إلى أن قال) إن أفضل الفرائض وأوجبها على الإنسان معرفة الرب والإقرار له بالعبودية... (إلى أن قال) وأدنى معرفة الرسول الإقرار بنبوته... وبعده، معرفة الإمام بعد رسول الله علي بن أبي طالب وبعده الحسن والحسين ثم علي بن الحسين ثم محمد بن علي ثم أنا ثم بعدي موسى ابني ثم بعده علي وبعد علي محمد ابنه وبعد محمد علي ابنه وبعده الحسن ابنه والحجة من وُلْـدِ الحسن. ثم قال: يا معاوية! جَعَلْتُ لك في هذا أصلاً فاعمل عليه....]
بعد التدقيق في هذا الحديث نقول
في سند هذا الحديث إشكال كبير،
فمحمد بن الحسن الصفار الذي يرويه بسنده عن ابن عمير عن هشام الذي هو حتما هشام بن سالم وليس هشام بن الحكم، لأن ابن عمير،
كما يقول علماء الرجال، كان على خلاف شديد مع هشام بن الحكم وكان معرضا عنه، فمثلا يقول الممقاني في تنقيح المقال (ج2/ص93): [ومن المعلوم رواية ابن عمير عن هشام بن سالم] ومثله في (ج3/ص302)،محمد بن الحسن الصفار هذا يروي في كتابه بصائر الدرجات (ص 250) فيقول:
[الهيثم بن النهدي عن إسماعيل بن سهيل ابن أبي عمير عن هشام بن سالم قال دخلت على عبد الله بن جعفر وأبي الحسن (أي الإمام الكاظم عليه السلام) في المجلس قدامه أمراء متردين برداء موزر فأقبلت على عبد الله (أي ابن جعفر الصادق وأخو الإمام الكاظم) أسأله حتى جرى ذكر الزكاة...].
وخلاصة الحديث أن هشام بن سالم مثله مثل الآلاف الذين كانوا يحتارون لمن صارت الإمامة بعد وفاة كل إمام (حيث لم يكن عندهم خبر أصلاً عن شيء اسمه أحاديث النص على الأئمة الاثني عشر بأسمائهم)
لم يدر إلى من صارت الإمامة بعد وفاة حضرة الصادق عليه السلام،
ولذلك ورد على عبد الله بن جعفر الصادق (الذي عرف بالأفطح) والذي تربَّع على مقام الإمامة بعد وفاة أبيه، في مجلسٍ كان يضم أيضاً أخاه موسى الكاظم،
ودار الحديث إلى أن وصل إلى مسألة تتعلق بالزكاة فلم يستطع عبد الله أن يجيب على تلك المسألة، عند ذاك خرج الناس من عنده، ومن جملتهم هشام بن سالم، متحيرين،
ثم يقول هشام: [فأتيت القبر فقلت يا رسول الله! إلى القدرية؟ إلى الحرورية؟ إلى المرجئة؟ إلى الزيدية؟،
قال فإني كذلك إذ أتاني غلام صغير دون الخمس فجذب ثوبي فقال أجب! قلت: من؟
قال: سيدي موسى بن جعفر، ودخلت إلى صحن الدار فإذا هو في بيت وعليه حلة،
فقال: يا هشام! قلت: لبيك!
فقال: لا إلى المرجئة ولا إلى القدرية ولكن إلينا، ثم دخلت عليه ..].وانظرها في أصول الكافي: كتاب الحجة: باب ما يفصل به بين دعوى المحق والمبطل: ج1/ص351ـ- 352 (ت).
=============================
الحديث العاشر
: أورده العلامة المجلسي في بحار الأنوار (ج4/ص54 من طبعة تبريز الحجرية) والسيد هاشم بن سليمان البحراني في غاية المرام (الباب 62: ص 60) فقال:
[قال ابن بابويه: حدثنا الحسن بن علي قال حدثنا هرون بن موسى قال أخبرنا محمد بن الحسن الصفار عن يعقوب بن يزيد عن محمد بن أبي عمير عن هشام قال: كنت عند الصادق إذ دخل عليه معاوية بن وهب وعبد الملك بن أعين فقال معاوية بن وهب:
يا ابن رسول الله! ما تقول في الخبر الذي روي أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) رأى ربه، على أي صورة رآه؟
وعن الحديث الذي رووه أن المؤمنين يرون ربهم في الجنة، على أي صورة يرونه؟ فتبسم ثم قال: يا معاوية! ما أقبح الرجل الذي يأتي عليه سبعون سنة أو ثمانون.... (إلى أن قال) إن أفضل الفرائض وأوجبها على الإنسان معرفة الرب والإقرار له بالعبودية... (إلى أن قال) وأدنى معرفة الرسول الإقرار بنبوته... وبعده، معرفة الإمام بعد رسول الله علي بن أبي طالب وبعده الحسن والحسين ثم علي بن الحسين ثم محمد بن علي ثم أنا ثم بعدي موسى ابني ثم بعده علي وبعد علي محمد ابنه وبعد محمد علي ابنه وبعده الحسن ابنه والحجة من وُلْـدِ الحسن. ثم قال: يا معاوية! جَعَلْتُ لك في هذا أصلاً فاعمل عليه....]
قلت: في سند هذا الحديث إشكال كبير، فمحمد بن الحسن الصفار الذي يرويه بسنده عن ابن عمير عن هشام الذي هو حتما هشام بن سالم وليس هشام بن الحكم، لأن ابن عمير، كما يقول علماء الرجال، كان على خلاف شديد مع هشام بن الحكم وكان معرضا عنه،
فمثلا يقول الممقاني في تنقيح المقال (ج2/ص93): [ومن المعلوم رواية ابن عمير عن هشام بن سالم] ومثله في (ج3/ص302)،محمد بن الحسن الصفار هذا يروي في كتابه بصائر الدرجات (ص 250)
فيقول: [الهيثم بن النهدي عن إسماعيل بن سهيل ابن أبي عمير عن هشام بن سالم قال دخلت على عبد الله بن جعفر وأبي الحسن (أي الإمام الكاظم عليه السلام) في المجلس قدامه أمراء متردين برداء موزر فأقبلت على عبد الله (أي ابن جعفر الصادق وأخو الإمام الكاظم) أسأله حتى جرى ذكر الزكاة...].
وخلاصة الحديث أن هشام بن سالم مثله مثل الآلاف الذين كانوا يحتارون لمن صارت الإمامة بعد وفاة كل إمام (حيث لم يكن عندهم خبر أصلاً عن شيء اسمه أحاديث النص على الأئمة الاثني عشر بأسمائهم) لم يدر إلى من صارت الإمامة بعد وفاة الصادق عليه السلام، ولذلك ورد على عبد الله بن جعفر الصادق (الذي عرف بالأفطح) والذي تربَّع على مقام الإمامة بعد وفاة أبيه، في مجلسٍ كان يضم أيضاً أخاه موسى الكاظم، ودار الحديث إلى أن وصل إلى مسألة تتعلق بالزكاة فلم يستطع عبد الله أن يجيب على تلك المسألة
، عند ذاك خرج الناس من عنده، ومن جملتهم هشام بن سالم، متحيرين، ثم يقول هشام: [فأتيت القبر فقلت يا رسول الله! إلى القدرية؟ إلى الحرورية؟ إلى المرجئة؟ إلى الزيدية؟،
قال فإني كذلك إذ أتاني غلام صغير دون الخمس فجذب ثوبي فقال أجب! قلت: من؟
قال: سيدي موسى بن جعفر، ودخلت إلى صحن الدار فإذا هو في بيت وعليه حلة، فقال: يا هشام! قلت: لبيك! فقال: لا إلى المرجئة ولا إلى القدرية ولكن إلينا، ثم دخلت عليه ..]( وانظرها في أصول الكافي: كتاب الحجة: باب ما يفصل به بين دعوى المحق والمبطل: ج1/ص351ـ- 352).
و هنا الإشكال: فلو أن هشام بن سالم كان قد سمع حقّاً من الصادق عليه السلام ذلك الحديث والذي قال له الصادق فيه [إن الإمام بعد رسول الله علي....ثم أنا ثم من بعدي موسى...إلخ]
فما الذي دعاه إذن إلى تجشم عناء السفر إلى المدينة بحثا عن الإمام الحق بعد الصادق وأن يعتقد في البداية بإمامة عبد الله ثم لما يراه قد عجز عن معرفة مسألة الزكاة يذهب لقبر النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) ويسأله: إلى المرجئة؟ إلى الزيدية؟ الخ..؟!
إن محمد بن عمير نفسه الذي يروي عن هشام بن سالم حديث الباب الذي فيه ذكر أسماء الأئمة الاثني عشر كلهم، هو نفسه الذي - حسب رواية بصائر الدرجات - يروي عن هشام بن سالم هذا، حديث حيرته في معرفة الإمام بعد الصادق!! فأي الروايتين نصدّق؟ أم أن كليهما كذب!
و في آخر الحديث قال: [والحجة من وُلْـدِ الحسن] والولد بضم الواو: جمع الوَلَدِ، مما يعني أن أحد أولاد الحسن سيكون صاحب الزمان، هذا مع أن أكثر فرق الشيعة، والتي وصل عددها لخمس عشرة فرقة بعد وفاة الإمام الحسن العسكري، كانت تقول بأن العسكري لم يخلف ولدا أصلاً، فضلا عن أن يكون له عدة أولاد؟
كانت تلك عمدة أحاديث النصّ الصريح من قبل الرسول (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) على الأئمة الاثني عشر، التي هي أهم وأشهر ما جاء في هذا الباب في كتبالشيعية، عرفنا حالها سنداً ومتناً،
ولم أقف على أحاديث مهمة أخرى في كتب الشيعه فيها النص الصريح على الأئمة الاثني عشر بأسمائهم، ولو وُجِدَت فعلى اليقين حالها لن يكون أفضل من حال الأحاديث التي أوردناها (و إلا لاشتهرت).
و هناك أحاديث أخرى ذكر فيها النص على عليٍّ وعلى الاثني عشر إمام بأسمائهم،
وردت في كتاب سليم بن قيس الهلالي العامري،
وقد سبق الكلام منا على الكتاب ومؤلفه وبينا آراء محققي الأصوليين من علماء الشيعة في الكتاب
كقول ابن الغضائري أن الكتاب موضوع لا مرية فيه،
وقول الشيخ المفيد: إنه لا يجوز العمل بأكثر ما فيه وينبغي للمتدين أن يجتنب العمل بكل ما فيه... فليراجع ثمّة،
ونضيف هنا قول ابن داود الحلي في رجاله: [سليم بن قيس الهلالي، ينسب إليه الكتاب المشهور وفي الكتاب مناكير مشتهرة وما أظنه إلا موضوعاً]،
وقد ذكرنا ثمة طرفاً من الأخطاء التاريخية الواضحة في كتاب سليم بن قيس التي تؤكد كون الكتاب ملفقاً مكذوباً.
لذا لما كان الكتاب باتفاق كبار علماء الشيعة مكذوباً موضوعاً فلا حاجة بنا للتعرض لبعض ما جاء فيه من روايات النص على الأئمة الاثني عشر.
ملاحظه هامه للتدقيق
جاءت في كتب الشيعة أحاديث أخرى فيها نص الرسول (صلى الله عليه وآله) على الأئمة الاثني عشر بأسمائهم لكن ليس من طرق الشيعة بل من طرق العامَّة، وعلى لسان رواة من العامة (أي من أهل السنة)، مثل هذه الروايات أوردها
السيد هاشم البحراني في كتابه "غاية المرام"
وعلي بن محمد القمي في كتابه "كفاية الأثر في النص على الأئمة الاثني عشر"
وسند تلك الروايات يتصل بالمعصوم بواسطة صحابة مثل أبي هريرة أو أنس بن مالك أو ابن عباس...
ولكننا لما كنا نعلم أن مثل أولئك الصحابة لم يكونوا قطعاً من القائلين بالإمامة بالنص على علي وأبنائه
فإنه من غير الممكن أبداً أن يرووا مثل هذه الأحاديث،
ومن الواضح جداً أنه قد تم نسبة مثل هذه الأحاديث إليهم حتى يُقال:
الفضل ما شهدت به الأعداء!
وثانياً: مما يؤكد ما نقوله، سند مثل هذه الأحاديث الذي لا يخلو من وضاع أو غال أو ضعيف أو مجهول،
وكمثال على ذلك نذكر الحديث التالي الذي رواه
السيد هاشم البحراني في "غاية المرام" (ص57)
فقال: [..ابن بابويه في كتاب النصوص، قالوا: حدثنا محمد بن عبد الله الشيباني و.. و.. و.. قالوا حدثنا أبو علي محمد بن همام بن سهل الكاتب قال حدثنا الحسن بن محمد بن جمهور العَمِيّ
(و في نسخةٍ:القُمِّيّ) عن أبيه محمد بن جمهور قال حدثني عثمان بن عمرة قال حدثنا شعبة...عن عبد الرحمن الأعرج عن أبي هريرة قال كنت عند النبي وأبو بكر وعمر والفضل بن عباس وزيد بن حارثة وعبد الله بن مسعود إذ دخل الحسين بن علي فأخذه النبي وقبَّله ...].
ثم يذكر النبي حديثاً يبين فيه أسماء الأئمة من ولد الحسين واحداً واحداً حتى يصل إلى جعفر الصادق فيقول:
[الطاعن عليه والراد عليه كالراد علَيَّ،
قال: ثم دخل حسان بن ثابت فأنشد شعرا في رسول الله وانقطع الحديث ..]
ثم يقول أبو هريرة أنه في اليوم التالي بعد أن صلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) الفجر ودخل بيت عائشة دخلنا نحن كذلك أنا وعلي بن أبي طالب وابن عباس
[فقلت: يا رسول الله! ألا تخبرني بباقي الخلفاء من صلب الحسين؟
قال: نعم يا أبا هريرة!( لو كان هذا الحديث من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم حقاً لقال هنا عوضاً عن "نعم" "بلى يا أبا هريرة")
ويخرج من صلب جعفر مولود تقي طاهر... سَمِيُّ موسى بن عمران...(و كأن رسول الله يسكت بعد ذكره اسم موسى بن جعفر فيسأله ابن عباس):
ثم من يا رسول الله؟
فيقول الرسول (صلى الله عليه وآله) من صُلْبِ موسى: علـي.....الخ الحديث ].
والعجيب أن أبا علي محمد بن همام راوي الحديث يقول بعد روايته للحديث: [العجب كل العجب من أبي هريرة يروي هذه الأخبار ثم ينكر فضائل أهل البيت عليهم السلام!].
أجل إنه لأمر لعجيب حقّاً أن يروي أبو هريرة وزيد بن حارثة و... وخاصة عبد الله بن عباس الذي كان يختلف مع علي في الرأي أحياناً، مثل هذه الأحاديث المثبتة للنص الإلـهي والعصمة لأئمة أهل البيت، ولكن ليس الذنب ذنبهم بل ذنب من وضع هذه الروايات الموضوعة على ألسنتهم.
والأعجب منه أيضاً هو حال "محمد بن همام" هذا الذي كان يروي الحديث عن "أحمد بن الحسين" الذي كان يضع الحديث!( لم أقف على المصدر الذي استقى منه المؤلف هذا الأمر عن محمد بن الهمام. وما بين يدي من المصادر الرجالية يمدح محمد بن الهمام. والله أعلم.).
ولا شك أن هذا الأمر يعد طعناً كبيراً بنزاهته أعني"محمد بن همام" لأن الرواية عن الكذابين والوضّاعين تعد - كما يؤكد العلامة الرجالي "التستري"(انظر "قاموس الرجال" للعلامة التستري: ج 8 / ص 428.) - مطعناً بالراوي يوجب ضعفه، ويفقد الثقة بمنقولاته.
ثم إن "أحمد بن الحسين" روى حديثنا هذا عن "الحسن بن محمد بن جمهور العَمِيّ" (أو القُمِّيّ كما في بعض النسخ) الذي قال عنه الممقاني في تنقيح المقال (ج1/ص306):
[يروي عن الضعفاء ويعتمد على المراسيل] وهو عن أبيه محمد بن الحسن بن جمهور المجروح جداً في كتب الرجال،
فالشيخ النجاشي قال عنه: [محمد بن جمهور أبو عبد الله العَمِيّ ضعيف في الحديث فاسد المذهب، وقيل فيه أشياء الله أعلم بها من عظمها](رجال النجاشي:ج2/ ص225.).
ونقل الأردبيلي في جامع الرواة (ج2/ص 87) أقوال الرجاليين فيه كما يلي: [محمد بن جمهور العمي عربي بصري غال [ضا]... أبو عبد الله العمي ضعيف في الحديث غال في المذهب فاسد في الرواية لا يلتفت إلى حديثه ولا يعتمد على ما يرويه [صه]..].
وقال ابن الغضائري عنه: [محمد بن الحسن بن جمهور أبو عبد الله القمي غال فاسد المذهب لا يكتب حديثه رأيت له شعرا يحلل فيه المحرمات].
وذكره ابن داود في رجاله (ص442) في القسم الثاني المخصص للمجروحين والمجهولين وقال عنه: [يروي عن الضعفاء ويعتمد على المراسيل]،
وهكذا في سائر كتب الرجال. هذا ولما كان الرجل قد عمَّر كثيراً فبلغ عمره مائة وعشرة سنوات، وكان غالياً، فلا يستبعد أن يكون قد وضع هذا الحديث في أواخر القرن الهجري الثالث (أي بعد أن اتضح ما استقرت عليه الإمامية الاثني عشرية من أسماء وعدد للأئمة) وعلمه لابنه الحسن!.
ثم جاء مثل "محمد بن همام" ليروي هذا الحديث ويتخذه حجة ويتعجب كيف رواه أبو هريرة ولم يعمل به!!.
علاوة على الأحاديث التي ذكرت فيها أسماء الأئمة صراحة، توجد في كتب الشيعة أحاديث أخرى فيها النص على الأئمة بنحو الكناية والإشارة،
وأهم هذا النوع من الأحاديث ما أورده المحدث الكليني في كتابه أصول الكافي: كتاب: الحجة، باب: ما جاء في الاثني عشر والنص عليهم عليهم السلام،
حيث أورد الكليني في هذا الباب عشرين حديثاً، اعتبر "العلامةالمجلسي" - في شرحه للكافي الذي سماه "مرآة العقول" - (ج1/ص433ـ439)
تسعة منها ضعيفة،
وستة مجهولة،
وحديثا واحداً مختلفا فيه،
وحديثا مرفوعا
وحديثا حسنا وحديثين منها فقط صحيحين، وأحد هذين الحديثين الصحيحين، بنظره، هو الحديث الذي رواه "أبو هشام الجعفري" عن حضرة الإمام محمد التقي عليه السلام، وهو حديث سيأتي عن قريب بيان ضعفه وبطلانه.
والثاني هو هذا الحديث نفسه لكن بسند آخر من رواته "أحمد بن محمد بن خالد البرقي" وهو راوٍ ضعيفٌ، لا ندري كيف اعتبره العلامة المجلسي صحيحاً!( من الجدير بالذكر أن المحدث المحقق محمد باقر البهبودي صاحب كتاب "صحيح الكافي" لم يعتبر أياً من العشرين حديثاً في هذا الباب صحيحاً.).
لكن العجيب أنه علاوة على ضعف سند هذه الأحاديث، فإن متنها واضح البطلان، لأن سبعة منها وهي الأحاديث: 6 و7 و8 و9 و14 و17 و18، يجعل عدد الأئمة ثلاثة عشر!،
فالحديث السادس الذي يرويه أبو حمزة الثمالي عن الإمام زين العابدين يقول:[إن الله خلق محمداً وعلياً وأحد عشر من ولده من نور عظمته، فأقامهم أشباحاً في ضياء نوره يعبدونه قبل خلق الخلق، يسبحون الله ويقدسونه وهم الأئمة من وُلْدِ رسول الله (صلى الله عليه وآله)]. فكيف يكون الأئمة من وُلْدِ رسول الله، وعليٌّ ليس من وُلْدِه؟
وكذلك في الحديث السابع يقول الإمام الباقر عليه السلام:
[.. الاثني عشر إمام من آل محمد كلهم مُحَدَّث من وُلْدِ رسول الله...].
وفي الحديث الثامن يقول حضرة أمير المؤمنين عليه السلام:
[إن لهذه الأمة اثني عشر إمام هدى من ذرية نبيها...]،
وفي الحديث التاسع يقول حضرة الإمام محمد الباقر عليه السلام، ناقلا عن جابر بن عبد الله الأنصاري قوله:
[دخلت على فاطمة وبين يديها لوح لها فيه أسماء الأوصياء من ولدها فعددت اثنا عشر آخرهم القائم ثلاثة منهم محمد وثلاثة منهم علي(نقل هذه الرواية نفسها كل من الشيخ الصدوق في كتبه ومن جملتها "إكمال الدين" والشيخ الطوسي في كتابه "الغيبة"، ولكنهما جعلا عدد الذين اسمهم علي "أربعة " خلافا لما ذكره الكليني هنا من أنهم "ثلاثة"!)]،
وفي الحديث السابع عشر يقول رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأمير المؤمنين: [إني واثني عشر من ولدي وأنت يا علي زرُّ الأرض يعني أوتادها وجبالها...]، وفي الحديث الثامن عشر يقول الإمام الباقر: [قال رسول الله: من ولدي اثني عشر نقيباً نجباء مُحدَّثون...].
فهذه الأحاديث تثبت أن من ذرية الرسول (صلى الله عليه وآله) سيكون اثنا عشر إماماً، وبالتالي فمع الإمام علي - الذي هو أول الأئمة وليس من ذريته (صلى الله عليه وآله) - سيكون مجموع عدد الأئمة ثلاثة عشر إماماً!
ويبدو أن الراوي الوضاع الكاذب نسي أن عليّاً عليه السلام ليس من ذرية الرسول (صلى الله عليه وآله) ولم يتوقع أن يقع حديثه، فيما بعد، بيد من يفرق بين عدد الاثني عشر والثلاثة عشر!!
[[ومما يستدل به القائلون بالنص، كثيراً أيضاً، الحديثُ الذي رُوِيَ في كتب أهل السنة، والذي يبين أنه سيلي أمر هذه الأمة اثنا عشر خليفةً(مناقشة الاستدلال بحديث: "يلي اثنا عشر خليفة من قريش" بطرقه وألفاظه المختلفة، إضافةٌ من صديق المؤلف العلامة (م) لتدعيم كلامه في الموضوع، وقد كانت بالحاشية فنقلتها للمتن لطولها.).
هذا مع أن تأمل ألفاظ الحديث يبين بوضوح عدم إمكان قيامه دليلاً على ما يقولون،
فهذا الحديث رُوِيَ بألفاظٍ مختلفةٍ متقاربةٍ أكثرها يذكر أن أمر الإسلام سيبقى عزيزاً منيعاً قوياً طوال مدة حكم وإمارة اثني عشر خليفةٍ يملكون أمر المسلمين بعده (صلى الله عليه وآله وسلم):
«..لا يَزَالُ أَمْرُ النَّاسِ مَاضِيًا مَا وَلِيَهُمْ اثْنَا عَشَرَ رَجُلا ثُمَّ تَكَلَّمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِكَلِمَةٍ خَفِيَتْ عَلَيَّ فَسَأَلْتُ أَبِي مَاذَا قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ»
«.. لا يَزَالُ الدِّينُ قَائِمًا حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ أَوْ يَكُونَ عَلَيْكُمْ اثْنَا عَشَرَ خَلِيفَةً كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ عُصَيْبَةٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ يَفْتَتِحُونَ الْبَيْتَ الْأَبْيَضَ بَيْتَ كِسْرَى أَوْ آلِ كِسْرَى وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ إِنَّ بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ كَذَّابِينَ فَاحْذَرُوهُمْ..»
«.. لا يَزَالُ الإِسْلامُ عَزِيزًا إِلَى اثْنَيْ عَشَرَ خَلِيفَةً.. كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ».
«.. لا يَزَالُ هَذَا الدِّينُ عَزِيزًا مَنِيعًا إِلَى اثْنَيْ عَشَرَ خَلِيفَةً فَقَالَ كَلِمَةً صَمَّنِيهَا النَّاسُ فَقُلْتُ لأَبِي مَا قَالَ؟
قَالَ كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ.»(هذه الرواية والثلاث التي قبلها في صحيح مسلم: 33-كتاب الإمارة /1ـ باب الناس تبع لقريش.).
«..يَكُونُ مِنْ بَعْدِي اثْنَا عَشَرَ أَمِيرًا قَالَ ثُمَّ تَكَلَّمَ بِشَيْءٍ لَمْ أَفْهَمْهُ فَسَأَلْتُ الَّذِي يَلِينِي فَقَالَ كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ.» أخرجه الترمذي: كتاب الفتن/ باب ما جاء في الخلفاء.
«.. لا يَزَالُ الدِّينُ قَائِمًا حَتَّى يَكُونَ اثْنَا عَشَرَ خَلِيفَةً مِنْ قُرَيْشٍ ثُمَّ يَخْرُجُ كَذَّابُونَ بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ ثُمَّ تَخْرُجُ عِصَابَةٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَيَسْتَخْرِجُونَ كَنْزَ الْأَبْيَضِ كِسْرَى وَآلِ كِسْرَى...» أخرجه الإمام أحمد بن حنبل في مسنده: ج 5/ ص 86، ح 19875.
«.. لَا يَزَالُ هَذَا الدِّينُ ظَاهِرًا عَلَى مَنْ نَاوَأَهُ لا يَضُرُّهُ مُخَالِفٌ وَلا مُفَارِقٌ حَتَّى يَمْضِيَ مِنْ أُمَّتِي اثْنَا عَشَرَ أَمِيرًا.. كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ.» أحمد في مسنده: ج 5/ ص 87، ح 19887.
«.. لا يَزَالُ هَذَا الأَمْرُ عَزِيزًا مَنِيعًا ظَاهِرًا عَلَى مَنْ نَاوَأَهُ حَتَّى يَمْلِكَ اثْنَا عَشَرَ.. كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ» أحمد في مسنده:: ج 5/ ص 93، ح 19964.
«.. لَنْ يَزَالَ هَذَا الدِّينُ عَزِيزًا مَنِيعًا ظَاهِرًا عَلَى مَنْ نَاوَأَهُ لا يَضُرُّهُ مَنْ فَارَقَهُ أَوْ خَالَفَهُ حَتَّى يَمْلِكَ اثْنَا عَشَرَ كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ» أحمد في مسنده: ج 5/ ص 99، ح 20000.
هذا الحديث - كما هو واضح من ألفاظه وسياقه - لا يصلح مطلقاً مستنداً للقائلين بالنص الإلـهي على الأئمة الاثني عشر للدلائل التالية:
أوّلاً: الحديث مجرد إخبار عن أمر مستقبلي، وليس بياناً لنصٍّ وتعيينٍ ورضىً إلـهي.
و ثانياً: الحديث يبين أن الاثني عشر خليفةً سيملكون أمر هذه الأمة أي يتولون زمام أمورها، لذلك ورد في بعض الطرق: اثنا عشر أميراً، وهذا لا ينطبق - كما هو واضح - على الأئمة الاثني عشر «عليهم السلام»،
لأنه - باستثناء خلافة علي وست أشهر من خلافة الحسن - لم يملك أحدٌ من باقي الأئمة أمر المسلمين ولم يحكموهم. فالإمام الحسين عليه السلام نهض لأمر الحكم ولكنه استشهد دون ذلك، والباقون لم يتعرّضوا أصلاً لنيل الحكم ولا كانوا أمراء ولا ملكوا زمام أمور الأمة.
و ثالثاً: الحديث يؤكد أنه خلال فترة خلافة هؤلاء الاثني عشر سيبقى الإسلام عزيزاً منيعاً قوياً، وهذا خلاف ما يعتقده القائلون بالنص، فهم يرون أنه عندما حكم أبو بكر وعمر وعثمان، في فترة إمامة علي المنصوص عليها باعتقادهم، ضَعُفَ الإسلام جداً وأُصيب بأعظم نكبةٍ حيث ارتد معظم المسلمين!!
، في فترة إمامة الحسنين وزين العابدين، التي وافقت تولِّي معاوية ويزيد الحكم، هُدِم الإسلام على رأسه وأُصيب في مقتله، بإزاحة الحسن وقتل الحسين عليهما السلام،
وهكذا لم يزل الإسلام ضعيفاً لغصب الأئمة مقامهم وإزاحتهم عن مناصبهم وتولى أئمة الجور والفسق والظلم مكانهم، وبالتالي فالإسلام الحقيقي - الذثمي يتمثل بإمامة الأئمة الاثني عشر وقيادتهم لزمام أمور المسلمين - كان مقهوراً مستضعفاً، لا قائماً عزيزاً ظاهراً؟!
و رابعاً: الحديث - في جميع طرقه - يبين أن هؤلاء الخلفاء من قريش، ولو كان المقصود مهم الأئمة الاثني عشر لأوضح الرسول صلى الله عليه وسلم ذلك وقال أنهم من بني هاشم، بل قال أنهم من ذريتي من فاطمة، لا سيما أن المقام - في نظر القائلين بالنص المستدلين بهذا الحديث - مقام تبليغ أصل من أصول الدين وأمر خطير عليه بناء السعادة والنجاة يوم القيامة!،
وحاشا لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعمل بالتقية في إبلاغ رسالات ربه!
و أخيراً: هذا الحديث لم يُرْوَ - من جميع طرقه - إلا عن صحابيٍّ واحدٍ هو "جَابِرُ بْنُ سَمُرَةَ السُّـوَائِيِّ "(جاء عن عبد الله ابن مسعود رواية مشابهة فيها: « يملك هذه الأمة من الخلفاء اثنا عشر بعدد نقباء بني إسرائيل» رواها أحمد في مسنده: ج1 / ص 398 و406. وفيها نفس إشكال رواية جابر بن سمرة من حيث أنها تبين أن الاثني عشر يملكون أي يحكمون فعلياً. عدا عن أن مضمونها لا يصح لأن الذين ملكوا الأمة أكثر بكثير جداً من هذا العدد!)
فهو حديث آحادٍ، بل من أضعف أقسام الآحاد لأنه فردٌ غريبٌ، مع أن موضوعه وكونه قيل في حجة الوداع - كما جاء في بعض طرقه ـ، يقتضي أن يسمعه ويرويه الجم الغفير!!
فما معنى الحديث إذن؟
الحقيقة أن الحديث - إن صحَّ - يريد أن يبـين أن دين الإسلام - كعقيدة صافية ودولة منيعة - سيبقى قوياً ظاهراً فلا تنتشر فيه البدع والأفكار الدخيلة المخربة،
وأن أمة الإسلام ستظل عزيزة منيعة ظاهرة لا يتسلط عليها الكفار ولا ينفذون إليها، ما وليهم بعد رسول الله اثنا عشر أميراً كلهم قرشيون، وهم من حكم المسلمين من الخلفاء والملوك في القرن الهجري الأول وأوائل الثاني،
الذي كان الإسلام فيه لا يزال نقياً غير مشوب ودولة الإسلام في عزّ قوتها وغلبتها على الأمم المجاورة،
بمعزلٍ عن حالة كل واحد من أولـئك الحكام هل كانوا بحد ذاتهم صالحين أم طالحين، فكلمة خليفة تعني من يخلف الآخر ويأتي بعده، بغض النظر عن سيرته وسلوكه، فقد يخلف الكافرُ المؤمنَ، كما قال تعالى مثلاً:
﴿ هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ فِي الأَرْضِ فَمَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ.. ﴾ [فاطر:39]،
وقال سبحانه: ﴿ فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا ﴾ [مريم:59]،
وقال سبحانه مخاطباً الكفار من قوم عاد: ﴿ وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً.. ﴾ [الأعراف:69].
فاصطلاح خليفة بحد ذاته ليس فيه ثناء أو تكريم، وأقصى ما يفيده: من خلف الرسول صلى الله عليه وسلم في تولي حكم المسلمين، أما كونه مشى على هديه أم لم يمشِ، أو كان عادلاً أو ظالماً فهذا شيء آخر. من هنا نرى الخطأ الذي وقع به بعض العلماء من شراح الحديث حين حاولوا أن يجدوا مصاديق لهؤلاء الخلفاء الاثني عشر ممن حكم المسلمين من الخلفاء الصالحين فقط،
فذكروا الخلفاء الراشدين الأربعة ثم الحسن بن علي ثم عمر بن عبد العزيز ثم أخذوا يتخبطون في تحديد الباقين!، مع أن المسألة ليست من هذا الباب إطلاقاً.]]
والخلاصة
ونظرا لعدم وجود دليل من القران تدل علي ولايه سيدنا علي رضي الله عنه والعصمهفقد اوردت الشيعه كثيرا من الشبهات والاحاديث المدسوسه لاثبات هذا المذهب ال ومنها احاديث الاثني عشر امام –
وقد تبين من خلال تمحيص أسانيد جميع أحاديث النص على الأئمة الواردة في كتبنا الشيعة وتحليل متونها، أنها أحاديثموضوعة أو ضعيفة واهية السند لا تقوم بمثلها حجة،
لا سيما على مثل عقيدة النص هذه التي عليها مدار النجاة والهلاك، فمثل هذه العقيدة الهامة لا بد فيها من أدلة يقينية قطعية الثبوت أي يكون صدورها عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أو آله الكرام (عليهم السلام) يقينياً.
و نتّجِهُ الآن نحو تاريخ الأئمة أنفسهم لنرى هل تنسجم سيرهم وأقوالهم مع وجود مثل أحاديث النص هذه أم لا؟
والان يقوم الشيعه بتقديم المدلول على الدليل بمعنى أنهم يؤمنون بعقائدهم التي ورثوها عن الآباء والأجداد تقليداً (المدلول)، ثم يبحثون لها عما يثبتها من القرآن (الدليل)، مع أن الصحيح هو أن يأتوا للقرآن (الدليل) بأذهان صافية مجردة من العقائد السابقة ويتَّبعوا ما يرشدهم إليه).